أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر تتحدث لموقع “أيامنا نيوز” عن تكريم وعناية الإسلام بالمرأة منذ طفولتها

علاء حامد
11 Min Read

كتبت: نيرة شنب

تحدثت الدكتورة سماح الجاحر أستاذ الفقه المقارن بكلية البنات بأسيوط- جامعة الأزهر لموقع أيامنا نيوز عن مكانة المرأة في الإسلام، وأوضحت أن تكريم المرأة يبدأ منذ طفولتها وتزداد مكانتها شيئاً فشيئاً كلما تكبر.

في البداية تقول الدكتورة سماح الجاحر أستاذ الفقه المقارن بكلية البنات بأسيوط- جامعة الأزهر إن “بلغ من تكريم الإسلام للمرأة أنه خصص باسمها سورة من سور القرآن الكريم سماها سورة «النساء»، وهناك أيضا سورة مريم، فقد كرّم الإسلام المرأة أماً، فقال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أبوك. وكرم الإسلام المرأة زوجة، فجعل الزواج منها آية من آياته فقال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، واستوصى بها النبي خيرا كما قال في خطبة حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله».

“وجعلها راعية وسيدة في بيتها فقال صلى الله عليه وسلم: «والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها».

وكرم الاسلام المرأة بنتًا وفى ذلك يقول الإمام الشافعي: البنون نِعم، والبنات حسنات، والله عزّ وجل يحاسب على النِعم، ويجازي على الحسنات”.

“وكرّم الإسلام المرأة أختاً، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل بهن الجنة”.

حق الإرث والصداق والمهر

وأكدت أستاذ الفقه المقارن بكلية البنات بأسيوط أن: “ومن مظاهر احترام الإسلام للمرأة، أنه لم يكن للمرأة قبل الإسلام حق الإرث، وكانوا يقولون في ذلك: لا يرثنا إلا من يحمل السيف، وجاء الإسلام فرفع شأن المرأة في هذا الجانب وأقر لها حقاً في الميراث زوجة وأماً وبنتاً وأختاً قال الله تعالى: «للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا».

ولم يكن للزوجة صداق ولا مهر عند بعض القبائل في الجاهلية بل كان يشتري الزوج زوجته بدفع ثمنها لأبيها، وجاء الإسلام فأبطل ذلك وجعل لها مهراً وصداقاً من حقها لا يأخذ أحد منه شيئاً إلا بطيب نفس منها قال الله تعالى: «وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا» كما لم يكن للمرأة على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد محدود، وليس لتعدد الزوجات حد معين، وكانوا إذا مات الرجل، وله زوجة وأولاد من غيرها، كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره، فهو يعتبرها إرثًا كبقية أموال أبيه! وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الرجل إذا مات أبوه، أو حموه، فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها، أو يحبسها حتى تفتدي، أي تدفع الفدية كأنها أسيرة، أو تموت فيذهب بماله، وجاء الإسلام فرفض ذلك وأبطله.

حقوق وواجبات

وتابعت الجاحر: ولم يعتبر الإسلام المرأة مكروهة، أو مهانة، كما كانت في الجاهلية، ولكنه قرر حقيقة تزيل هذا الهوان عنها: وهي أن المرأة قسيمة الرجل لها ما له من الحقوق، وعليها أيضاً من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها، وجعل ميزان التفاضل العمل الصالح والتقوى فقال عز من قائل: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، وقال عليه السلام: النساء شقائق الرجال.

وجعل للزوجة حقوقاً على زوجها أجملها الله تعالى بقوله: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، وقوله تعالى: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، وكان العرب في الجاهلية يُكرهون إماءهم على الزنا، ويأخذون أجورهم، وجاء الإسلام فأنكر ذلك ونهى عنه واستقبحه. ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام الاهتمام بتعليمها، فعن أبي سعيد الخدري، قالت النساء للنبي: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا لقيهن فيه، فوعظهن، وأمرهن.

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كنا في الجاهلية لا نعُد النساء شيئًا، فلما جاء الإسلام، وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقًا.

مماثلة للرجل في القدر والمكانة

وأوضحت أستاذ الفقه المقارن بكلية البنات بأسيوط أن الإسلام نظر إلى المرأة على أنها شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، كونها تلعب دورًا أسريًا ومجتمعيًا في الأساس.

كما تعتبر المرأة في الإسلام مماثلة للرجل في القدر والمكانة إلا ما استثناه الشرع في بعض المسائل، وفي ذلك يقول النبي محمد ﷺ: (إنما النساء شقائق الرجال).

لم يفرّق الإسلام بين الرجل والمرأة منذ النشأة الإنسانيّة الأولى، وقد دلّ على ذلك قول الله في سورة الحجرات: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.
يقول الطبري في تفسيره لقول الله (إن أكرمكم عند الله أتقاكم): إن أكرمكم أيها الناس عند ربكم، أشدّكم اتقاءًا له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.[19]”.

المرأة مكلفة مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض

وأضافت أستاذ الفقه المقارن بكلية البنات بأسيوط: والمرأة مكلفة مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، يقول الله في القرآن، وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وهي منبت البشرية ومنشئة أجيالها يقول الله، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا.

كما يقع على عاتق الرجل والمرأة كلاهما مسؤولية تكوين أسرة صالحة وتربية الإبناء وتعليمهم ، وفى هذا يقول الله تعالى ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾
(بالمثنى)أى: ارحمهما لأجل تربيتهما لي، ويقول النبي محمد: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».

المساواة في الثواب والعقاب

-عدل
وتابعت “الجاحر: لا يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالأجر والثواب على القيام بالأعمال الصالحة أو بالعقاب على ارتكاب المعاصي، فلكلٍّ منها جزاء ما عمِل.

ويؤكد القرآن على هذا المبدأ في أكثر من موضع منها في سورة النحل.

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

وفي سورة غافر “مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ”.

ومثلما ساوى الإسلام بالثواب فقد ساوى أيضًا بالعقاب ولم يجعل لأحدها استثناء عن الآخر، يقول الله في القرآن عن عقوبة الزنا:
“الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وعن عقوبة السرقة وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.

كما أشار القرآن إلى الرجال والنساء معًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعله من صفات المؤمنين يقول الله في سورة التوبه “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.

تكريم الإسلام للمرأة يبدأ من طفولتها

وقالت الجاحر أن “تكريم الإسلام للمرأة أعلى الإسلام من مكانة المرأة المسلمة، وأكرمها حق الإكرام؛ حيث تُعدُّ المرأة المسلمة شقائق الرجال، وتكريمها يكون كالآتي:

يبدأ تكريمها منذ طفولتها؛ إذ تمتلك حق الرضاعة، والرعاية، والتربية، كما وتعتبر قرة عين والديها وأخوانها.

تزداد مكانتها شيئاً فشيئاً عندما تكبر قليلاً، فهي معززة ومكرمة، وتنطلق مشاعر الغيرة عليها، وتزداد رعايتها، فلا يرضَ وليها أنْ تُحاط بسوء، أو يمسها أيّ أذى. تتزوج بكلمة الله وميثاقه، وتتعزز في بيت زوجها، ويجب أن يُكرمها زوجها ويُحسن إليها”.

عندما تكون أماً قرن الله برها ببر الله تعالى، كما وقرن بين عقوقها والشرك بالله تعالى.

دعا الإسلام إلى صلة الأخت، والإحسان إليها، والغيرة عليها، وإن كانت خالة فمنزلتها كمنزلة الأم.
دعا الإسلام إلى كف الأذى عن المرأة، وغض البصر عنها، وغير ذلك.

وحرم الإسلام ظلم المرأة؛ وذلك من خلال تحريم وأد البنات الذي كان عادة من عادات الجاهلية، وأحق الإسلام للمرأة حصة من الميراث.

رحم الإسلام المرأة فقال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك، وهذا من صور تكريمها والاعتراف بحقها.

تكريم المرأة بالحجاب

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن أمرها بالحجاب، وذلك لأنَّه يحفظ كرامتها، ويصونها من عبث العابثين، وأعين الغادرين، ولذلك أمرها الله سبحانه وتعالى بالتستر وارتداء الحجاب، والابتعاد عن التبرج، وكذلك البعد عن مُخالطة الرجال الغرباء والأجانب، وعن جميع الأمور التي تقود إلى فتنتها.

وأختتمت أستاذ الفقه المقارن بكلية البنات بأسيوط حديثها: “لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها”.

حرص النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم على تكريم المرأة؛ وذلك لأنَّها مخلوق ضعيف، حيث دعا إلى حمايتها من أي أذى جسديّ أو معنويّ، ويظهر حرص الرسول على ذلك في أكثر من موقف وطريقة، فقد كان الرسول يُكثر من قول: {استوصوا بالنساء خيراً}، وتكرر هذا القول في حجة الوداع، إذ أفرد رسولنا الكريم جانباً للمرأة في حجته، وفي ذلك دليل على أهمية الوصايا بالمرأة، حيث قال رسولنا الكريم: { مَن كان يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُؤذي جارَه، واستَوْصوا بالنِّساءِ خَيرًا، فإنَّهنَّ خُلِقنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعلاه، فإن ذهَبتَ تُقيمُه كسَرْتَه، وإنْ ترَكتَه لم يزَلْ أعوَجَ، فاستَوصوا بالنِّساءِ خَيرًا}.

لذلك يجب علينا تكريمها والاعتناء بها ورعاية حقوقها، وهذا فرض على المجتمع وليس فضل.

Share this Article
1 Comment