
يعد العنف ضد الأطفال، من أخطر الظواهر المجتمعية التي لا تلقى اهتمامًا بين الكثيرين من أولياء الأمور أو المعلمين في المدارس لتجنبها، فهم يعتقدون خطأً أن التحدث إلى الطفل بلهجة قاسية أو ضربه باستخدام العصا أو أي وسيلة أخرى للعقاب الوسيلة الأفضل لتربية الأطفال والحد من أخطائهم أو سلوكياتهم غير المرغوب فيها.
أكدت الدكتورة ولاء شبانة، الخبيرة التربوية، أن العنف الأسري هو السبب الرئيسي لعنف الطفل، حيث يشاهد الطفل الأم والأب في شجار دائم وصوت مرتفع، ومرة تلو الأخرى يعتاد على مثل هذه التصرفات، وما يصاحب ذلك من إهمال للطفل وعدم الاعتناء بسبب الانشغال بالصراعات في المنزل.
وأضافت الدكتورة ولاء شبانة، أن عددا من الأبحاث الجديدة أكدت أن الأطفال الذين يتعرضون إلى العنف في المنزل قد يعانون عدة اضطرابات عاطفية تؤثر على نموهم على المدى البعيد، ويجد هؤلاء الأطفال صعوبة في التحكم في غضبهم، ومخاوفهم، وسائر المشاعر السلبية الرئيسة، فيفقدون هدوء أعصابهم بسهولة، ويصبحون عرضة للانهيارات العصبية، كما كشفت الدراسات أن الأطفال الذين يشاهدون وقائع عنف أسري أكثر قابلية لتبني السلوكيات العدوانية مثل التنمر، وأن فرصة خوضهم للعراك تعادل ثلاثة أضعاف فرصة الأطفال الآخرين، وغالبا ما يفتقد هؤلاء الأطفال إلى العلاقات الآمنة، فيهتمون بدلاً من ذلك بالصراع من أجل البقاء، وهو ما يعيق تطورهم الطبيعي.
السوشيال ميديا
وأوضحت الدكتورة ولاء شبانة، أن الساعات التي يقضيها الطفل أو المراهق في العالم الافتراضي، خلقت فجوة بين ما يراه وبين الواقع، دون القدرة على التأقلم، والآثار السلبية الناتجة عن ذلك تتمثل في الميل إلى العدوانية والعنف، سواء بغرض التقليد، أو التعبير عن مشاعر تتولد نتيجة المحتوى السيئ، والتفكير بأمور جنسية لا تناسب عمر الطفل، وأيضًا التعرض لمحتوى يضر بالعقل والدين والقيم، بينما لم يكتمل النمو الفكري للطفل، ولم يبلغ بعد مرحلة يميز فيها الجيد من الخبيث، كما يتسبب التعرض لمثل هذه المحتويات في انحرافات سلوكية مختلفة، وأعراض انسحابية مثل العزلة أو الاكتئاب أو الخوف من الناس.
انخفاض تقدير الذات نتيجة المقارنات
ونصحت الدكتورة ولاء شبانة، بتشجيع الطفل على أن يكون شجاعا، وإذا تعرض لموقف غير مريح، أن يطلب منك المساعدة ويخبرك بتفاصيل الأمور، فهذا يساعدك على أن تكتسب ثقة طفلك وبالتالي حمايته من المتطفلين والمتحرشين والمتنمرين، فيجب أن تكون صديق طفلك حتى تحميه من الأضرار التي قد تقع عليه، فكثير من الأطفال يخافون التحدث مع الأسرة حول الأمور اليومية خوفًا من العقاب، فقم بإمداد طفلك بالطمأنينة، واكتسب ثقته.
ولابد أيضًا، من محاولة مشاركة طفلك اهتماماته على الإنترنت، فقم بمشاهدة الفيديوهات المصورة التي يفضلها وباستماع الأغنيات التي يحبها، فمشاركة الطفل في تفضيلاته واهتماماته قد ينعكس عليه في المستقبل، حيث أشار بعض أطباء الأمراض النفسية، أن الطفل الذي يحظى باهتمام وتشجيع الأسرة يميل لأن يكون شخصًا سويًا في المستقبل.
التأهيل النفسي والسلوكي
ومن جانبه، قال الدكتور علاء الغندور، استشاري التأهيل النفسي والسلوكي، إن العنف الجسدي في الأسرة وداخل المدرسة الذي يتمثل في ضرب الطلاب بعضهم البعض أو من خلال المعلم للطلاب عن طريق إلحاق الضرر الجسدي باستخدام أداه مثل “العصا” لتنفيذ العقاب، يتسبب في ألم نفسي كبير داخل نفسية الطالب ويحوله إلي شخص عدواني، مستكملاً أن العنف اللفظي، من خلال التنمر واستخدام ألفاظ وتوجيه الكلمات القاسية أو السخرية والاستهزاء به فيحاول الطالب المعتدي عليه الدفاع عن نفسه بطريقة مثلها أو أكثر منها.
وأضاف الدكتور علاء الغندور، أنه لابد من تواجد أخصائيين نفسيين واجتماعيين داخل المدرسة لعلاج المشكلات التي تحدث داخل المدرسة، وأن يكون هناك عقاب قاس للمعلم الذي يمارس العقاب الجسدي أو اللفظي للطلاب وأيضًا يكون هناك عقاب قاس للطالب الذي يتعدي علي زملائه أو التنمر عليهم.
دورات تأهيل
وأشار استشاري التأهيل النفسي والسلوكي، إلى ضرورة إخضاع المعلمين إلي دورات تأهيل قبل البدء في ممارسة التعليم للطلاب حتى يتمكنوا من السيطرة علي الطلاب داخل المدرسة، ويتم توعية الطلاب بضرورة الالتزام بقوانين المدرسة وآداب الحديث وكيفية التعامل مع الآخرين.
وحذر الدكتور علاء الغندور من استخدام العنف ضد الأطفال في المنازل تحت أي ظرف، نظرًا لما يسببه ذلك من مشكلات نفسية للأطفال قد تؤثر على حياتهم ومستقبلهم.